الصمدي وناجي يكشفان انقلاب الحكومة على القانون الاطار للتربية والتكوين في لقاء تكويني للمجموعة
أكد خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن الحكومة أهملت بشكل مطلق المخطط التشريعي لتنزيل مقتضيات القانون الإطار 17-51، مما يجعلنا نؤكد أننا أمام تعطيل ممنهج للقانون الإطار من طرف الحكومة.
وأضاف الصمدي خلال مشاركته في لقاء تكويني للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، يوم الاثنين 26 ماي 2025، أن ما يعطي فكرة عن تقدم تنزيل القانون الإطار هي النصوص التطبيقية، وهي غائبة أو مغيبة إلى الآن، حسب تعبيره.
واسترسل، كان يجب الانتهاء من جميع النصوص القانونية عقب المصادقة على القانون الإطار بثلاث سنوات، أي في 2022، غير أننا لم نتجاوز 15 بالمائة كحد أقصى من النصوص المفترض إخراجها، ومنها قوانين صدرت في عهد الحكومة السابقة ولم يتم تفعيلها إلى الآن.
وزاد، ومنها مرسوم إحداث اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج، ومرسوم إحداث المرصد الوطني للبحث العلمي، ومرسوم التعليم عن بعد، ومرسوم تنظيم جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ.
وبالمناسبة نفسها، تساءل الخبير التربوي عبد الناصر ناجي، عن مدى وجود تصور ناظم لمن سهر على وضع مشروع قانون التعليم المدرسي، في ظل وجود مرجعيات حاكمة في الإصلاح، أي القانون الإطار والرؤية الإستراتيجية، مؤكدا أن الحكومة تجاهلت بشكل ممنهج ومنذ بدايتها للقانون والرؤية.
وأوضح ناجي أن الحكومة ركزت على مدخل المؤسسات العمومية من خلال ما سمي بمدارس الريادة، تستقي منه تصورها لمدرسة المستقبل، مشددا أن هذا الاختيار يعكس تصورا تجزيئيا للمنظومة التربوية وليس شموليا.
وأضاف، وهذا انعكس على مشروع القانون المدرسي، والذي جاء وكأنه مسألة شكلية مفروضة على الحكومة، أي من ضرورات تقديم الحصيلة العمل على وضع هذا القانون.
وذكر ناجي أن المشروع هو مجرد استنساخ في معظمه للقوانين الحالية، وتجميع لنصوص تشريعية قائمة، من قبيل التعليم الخاص، والتعليم الإلزامي، والتعليم الأولي، أي أننا أمام تجميع لها في قالب تريد منه الحكومة القول بأنه جديد، غير أن الحقيقة هي أن مضمونه قديم وحلته جديدة.
وأوضح الخبير التربوي أن التصور الناظم للمشروع كان ينبغي أن يبدأ بتحليل النص المرجعي أي القانون الإطار، ثم استقاء الأحكام المرتبطة بالتعليم المدرسي وتفصيل هذه الأحكام.
وأردف، حين نفحص المشروع، نجد أن فيه استنساخا لبعض المبادئ في القانون الإطار دون شرح أو تفصيل، أي أن المشروع تركه مجملا كما ورد في القانون الإطار، بل إن إدماج هذه المبادئ جاء تحت ضغط المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والذي أكد على مرجعية القانون الإطار في كل تشريع يرتبط بمنظومة التربية والتكوين.
وأضاف، كما كان يجب أخذ المستجدات التي وردت في القانون الإطار، وأيضا روحه وركائزه، وعلى رأ سها ركيزة الإنصاف وتكافؤ الفرص، وركيزة الجودة، وركيزة الارتقاء الفردي والمجتمعي.
وأشار ناجي إلى أن القانون الإطار ينص على ترسانة تشريعية وتنظيمية، ولكن أيضا على أطر مرجعية تؤطر هذه الترسانة، من قبيل الدلائل المرجعية للموارد البشرية، مشيرا إلى أنه، وفي غياب تصور ناظم للإصلاح جعل الحكومة لا تضع النصوص المرجعية بعين الاعتبار، وبدأت تهرول نحو إعداد مشروع قانون للتعليم المدرسي.
ووصف المتحدث ذاته هذا الوضع بأنه يعكس ضبابية في التصور، وعدم القدرة على التفكير في الحلول العملية، أو التفكير الواضح في عدد من القضايا.
وأبرز ناجي أن رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين أثار الانتباه إلى أن التعليم الأولى يجب أن يُدمج مع التعليم الابتدائي، غير أن هناك ضبابية، لأنهم لا يريدون ربط التعليم الأولي بالابتدائي، بالنظر إلى وجود مشكل قائم في تدبير هذا التعليم، ولذلك نرى أن الاختيار الذي ذهبت فيه الحكومة يقوم على إسناد التعليم الأولي للجمعيات.
ونبه ناجي إلى أن مشروع قانون التعليم المدرسي لا يخلق الانسجام ما بين التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي، منتقدا في هذا الصدد الضعف البين في تعميم التعليم الأولي، وحصر الدعم المالي المباشر المفروض تقديمه لعدد من الفئات إلى خدمات للدعم الاجتماعي موجه لذوي الاحتياج.
وأشار إلى أن الجمعيات مسؤولة عن التعليم الأولي والتعليم الاستدراكي، ثم أضيف لها الحياة المدرسية، داعيا إلى الكثير من الحذر بهذا الخصوص، بالنظر إلى أن بعض هذه الجمعيات تُدخل إيديولوجيتها إلى المدرسة، كما شدد على وجوب التركيز على جانب الهوية، لغيابه عن مشروع قانون التعليم المدرسي.
وذكر ناجي أن القانون الإطار ركز على مقاربة المنظومة بشكل شمولي، ووضع الحدود ما بين التعليم المدرسي والعالي، في حين أبقى مشروع التعليم المدرسي على التعليم ما بعد الباكلويا في التعليم المدرسي، وكأنها تريد الحفاظ على ملكية بعض مشمولات التعليم العالي ضمن التعليم المدرسي.
ونبه ناجي إلى أنه تمت إضافة صنفين من التعليم هما التعليم الخصوصي غير الربحي والمدارس الشريكة، لكن لدينا تخوف مشروع، خاص وأننا نرى تيسير إحداثها بنص تنظيمي، والذي يسمح بتحول المدرسة الشريكة إلى خاصة، أو غير ربحية إلى ربحية، وهذا وقع في دولة الشيلي مثلا، والتي كانت رائدة في المدارس الشريكة.
وأضاف، لاسيما في الحالات التي تكون فيها مراقبة الدولة ضعيفة كما هو حال المغرب، وهذا نراه في نسبة أو حجم مراقبة التعليم الخاص، وهي مراقبة شبه معدومة، لذلك لابد من ضبط الأمر بالشكل المطلوب والدقيق لمنع كل هذه الاختلالات أو التجاوزات الممكنة أو المتوقعة.
وزاد، يجب التعامل مع هذه الأمور بحذر، وأن تكون الترسانة القانونية قوية، ويجب أن تكون مراقبة الدولة حاضرة ودقيقة حتى لا تتحول الأمور إلى شيء آخر عكس ما يجب أن تمضي إليه.
وتوقف ناجي عند ما يتعلق بشبكة التربية والتكوين، موضحا أن هدفها هو التنسيق بين مختلف القطاعات، كالتعليم المدرسي والتكوين المهني وغيرها، يعضد الموارد ويخلق التنسيق بشأن الموارد البشرية وغيرها، ولذلك طلب المجلس الأعلى للتربية والتكوين بإدماج هذه الشبكة في قانون التعليم المدرسي، لكن الحكومة لم تفعل بالشكل المطلوب.
وبشأن ميثاق المتعلم، ذكر ناجي أنه منصوص عليه في القانون الإطار، وهو الذي يحدد حقوق وواجبات المتعلم، كما يجب أن يكون في النظام الداخلي للمؤسسة، وهناك ملاحظة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين من أنه يجب التفصيل فيه، غير أنه تم حذف الميثاق في مشروع التعليم المدرسي بصفة نهائية.