بووانو يكتب: حكومة 8 شتنبر... من أزمة إلى أخرى
من جديد كادت الحكومة المنبثقة عن انتخابات 8 شتنبر 2021 العجيبة، أن تتسبب في حريق اجتماعي آخر، وقوده قرارات ارتجالية استهدفت مستعملي الدراجات النارية.
لحسن حظنا أن عمرها الدستوري يشارف على النهاية، أو لنقل أنه انتهى فعلا على وقع الفضائح والأزمات، وهي اليوم بحكم حكومة تصريف الأعمال، لكنها أعمال غير محسوبة.
ولابد من الإشارة إلى أن المشكل الذي تخلقه محركات بعض أنواع الدراجات النارية على الطرق وينتج عنها حوادث سير مميتة، ليس جديدا، وكان يفترض أن تتخذ الحكومة بشأنه قرارات مؤسساتية بعد عملية تشاور وتحسيس تُراعي مصالح مستعملي هذا النوع من وسائل النقل.
لكن لا شيء من هذا حدث، لأن الحكومة ورئيسها بالأساس، غير معني بالمشاكل التي تحاصر الفئات الضعيفة الهشة، وحتى الطبقة المتوسطة، هو معني كثيرا بـ"الكبار" الذين يستفيدون معه من الصفقات هنا وهناك، ومن تضارب المصالح ومن الأرباح الفاحشة في قطاعات مغلقة ومحتكرة.
أما أصحاب الدراجات النارية، والذين يقارب عددهم مليوني مواطن، فلربما لا يدخلون في أجندة رئيس الحكومة إلا كورقة انتخابية، لذلك تدخل بطريقة استعراضية فيها الكثير من البروباغندا مُدَّعِيا إعطاء الأوامر لإيقاف حملة غير محسوبة، كادت شراراتها الأولى أن تتحول إلى كرة لهب حارقة خاصة مع ما تم رصده من استعدادات لتنظيم مسيرة وطنية للمتضررين من العشوائية التي طبعت التحرك الحكومي.
الذي لا يعرفه رئيس الحكومة، أن الأمر لا يتعلق بإجراءات تقنية، ولا بسباق انتخابي مع حليف حكومي، وإنما بمليوني مواطن مغربي، الأغلبية الساحقة منهم، تُشَكِّلُ الدراجة النارية مورد رزق لأسرهم، وباتت جزءا من نمط عيشهم، لعوامل كثيرة، منها فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، وتهميشها لهذه الفئة، ويكفي أن نشير إلى أنها أكثر فئة تتضرر من الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات، وطبعا تعرفون من هو المستفيد والرابح الأكبر في قطاع المحروقات.
على كل حال، وقف الحملة المرتجلة والعشوائية على أصحاب الدراجات النارية، فرضته معطيات لا يوليها رئيس الحكومة أي اعتبار، لذلك لا يمكنه أن يدَّعي عبر شركات التواصل التي تشتغل لصالحه، أنه وجد حلا أو استجاب لمطالب المواطنين المعنيين، غير أن وقف هذه الحملة خلَّف إشكالات للكثير من الذين شملتهم.
فعلى سبيل المثال، هناك اليوم دراجات نارية ربما بالآلاف في مختلف المحاجز الجماعية، من أين سيأتي أصحابها، بالمبالغ المقررة في القرار الجبائي لكل جماعة لاستعادة دراجاتهم؟، ومن سيعوض ما خسره هؤلاء المواطنون بسبب حرمانهم من العمل طيلة فترة وضع دراجاتهم في المحاجز الجماعية؟، خاصة أننا مقبلون على بداية الموسم الدراسي، الذي تزداد فيه مصاريف الأسر الأسر المغربية، ومنها أسر مستعملي الدراجات النارية في تأمين لقمة العيش؟.
مُؤسف أن هذه الحكومة، لا تكاد بلادنا تخرج من أزمة بسببها، إلا وتدخلها في أزمة أخرى، ولا أعرف كيف صبر عليها المغاربة كل هذه المدة.. أستغرب حقيقة!