image الكوط تكتب: عام ونصف من الفقْد والتشرد والحكَرة...أسئلة لرئيس الحكومة
A | A+ | A- |

الكوط تكتب: عام ونصف من الفقْد والتشرد والحكَرة...أسئلة لرئيس الحكومة

عائشة الكوط*

مرّ عام و نصف على كارثة زلزال الحوز، ومازال  بعض المتضررين  يعانون و يتألمون، يتألمون من فقد الأهالي و المآوي و التشرد، ولكن يتألمون أكثر من إحساسهم  بالتهميش والحكرة والإقصاء في وطنهم، بسبب حسابات شخصية أو سياسية ضيقة، أو بسبب أولويات لم يكونوا ضمنها.

هذا الإقصاء والتهميش يصدر أحيانا من أشخاص هم من صوتوا عليهم، والمفروض أن يدافعوا عنهم و يعدلوا بينهم، وييسروا لهم مساطرإعادة بناء مساكن تحفظ كرامتهم و تحفظ سمعة وطننا.

وإنه ليحز في النفس كثيرا أن نرى أوضاع أهالينا القاسية تتدوالها القنوات الإعلامية الدولية، و تستنكر هذا التأخر الغير مفهوم في إعادة الإعمار، رغم الهبة التضامنية غير المسبوقة للمواطنين، من داخل المغرب وخارجه، وكذا الهيئات الخاصة والعمومية، ناهيك عن الدول الشقيقة والصديقة، مما أسفر عن رصد مبالغ مالية مهمة لهذه المسألة.

ومن جهة أخرى، فرغم احتجاجات المتضررين المتكررة أمام مقرات العمالات والبرلمان، لعل المسؤولين ينصتوا لشكاياتهم، و يجيبوا عن تساؤلاتهم، لم يجدوا جوابا، إلا أبوابا موصدة وأذانا صماء، ومحاكمة ممثلي تنسيقياتهم، بل وحتى ترهيبهم و تخويفهم إن هم صرحوا للإعلام بما يضرهم.

صحيح أن الحكومة وبتعليمات من جلالة الملك حفظه الله، و في إطار إعادة الإعمار، قدمت لهؤلاء المتضررين دعما استثنائيا و دعما من أجل  البناء، لكن كما الشأن بالنسبة لكثير من البرامج الحكومية، المشكل يكمن في التنزيل والتدبير.

فتوجيهات جلالة الملك، كانت واضحة، وهي أن عملية إعادة التأهيل والإعمار يجب أن تتسم بالاستعجالية والدقة والفعالية اللازمة، وأن تجرى بإشراف تقني وهندسي بانسجام مع الخصائص المعمارية و التراثية للمنطقة، وفي احترام للشروط الضرورية المتعلقة بالإنصاف والإنصات الدائم لحاجيات الساكنة، وأن يقدم دعم مالي مباشر بقيمة 14و 8 مليون سنتيم للمباني المهدمة كليا أوجزئيا. 

كل هذه التوجيهات لم يتم احترامها بحذافيرها، نظرا لعوامل متداخلة وغير مقبولة، يتحمل المسؤولية فيها كل المتدخلين، ولكن يبقى الجزء الأكبر فيها للحكومة التي أسندت لها قيادة مهام إنجاز هذا البرنامج. 

ألم يكن حريا برئيس الحكومة أو من ينيبه لذلك، أن يستمع للمتضررين المقصيين من الاستفادة من الدعم، والتقصي حول أسباب إقصائهم وإنصافهم في حال الاستحقاق؟ وهناك آلاف من المتضررين أقرت لجان الإحصاء باستحقاقهم للدعم، تم إقصاؤهم في المرحلة الموالية للإحصاء، نتيجة تصفية حسابات شخصية وسياسية واستعمال الشطط من طرف بعض أعوان السلطة، والمزاجية والارتجالية و شبهات الفساد و البيروقراطية المقيتة، وبطء المساطر التي لا تتناسب وطبيعة البرنامج الاستعجالي، خصوصا في تصاميم ورخص إعادة البناء، ورخص التحويل وإعادة التوطين في الملك الغابوي.

ألم يكن حريا برئيس الحكومة، أو الناطق الرسمي لهذه الحكومة أن يخرج ويشرح للمتضررين كيف ولماذا تم تجميد دعم 14 مليون سنتيم، وأصبح الحديث عن دعم 8 مليون سنتيم سواء بالنسبة لمن لديهم الهدم الكلي أو الجزئي؟ لماذا يتم تأخير دفعات الدعم مما يسبب مشاكل كثيرة للمتضررين في علاقتهم مع المقاولين وعمال البناء؟ و لماذا لايتم إحداث لجان مركزية مختلطة ومحايدة تقوم بالبت في شكايات المتضررين وإيجاد الحلول للملفات المستعصية، والعراقيل المقصودة، ومعاقبة كل من تبث تورطه في ذلك؟ ولماذا لا يتم الحديث عن  أسباب تأخر عمل وكالة "تنمية الأطلس الكبير" الموكل لها مهام التأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال، هل بدأت في التخطيط والبرمجة؟ وما هي هذه البرامج وماهي ميزانيتها؟ فهناك تأخر في تأهيل كل المرافق الخدماتية من مدارس وطرقات ومستوصفات، وبالتالي ارتفاع الهدر المدرسي ومعاناة السكان مع الاستشفاء، وظهور آفات اجتماعية مختلفة وانخفاض مستوى الأنشطة الاقتصادية، وتباطؤ التنمية عموما في الأقاليم المتضررة.

إن المراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة مبدأ دستوري، ومطلب ملح يجب إعماله كلما تعلق الأمر بتدبير المال العام و بشؤون المواطنين، وترتيب الجزاءات لكل من تبث ضلوعه في أي نوع من الفساد، أو حتى  التقصير، حتى ولو كان من المواطن نفسه.

*عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية

/ تاريخ النشر 2025-03-17

جريدة المجموعة