image البردعي تكتب: الأعمال الدرامية الرمضانية وخطة تسديد التبليغ
A | A+ | A- |

البردعي تكتب: الأعمال الدرامية الرمضانية وخطة تسديد التبليغ

ونحن نتابع برامج التلفزة المغربية في شهر رمضان حيث يكثر الانتاج وحيث تتنوع البرامج ولا يتنوع المحتوى ولا الوجوه. هذه الانتاجات التي ينفق عليها من المالية العمومية ما لا يستطيع العقل أن يستوعبه، لكن نجد أنفسنا أمام منتوج يفتقر إلى أضعف مقومات العمل الفني الذي يمكن أن يوجه إلى جمهور واسع. غير أن تلفزتنا المغربية عودتنا على ذلك، بما لا يجعلنا نخاطر بحلم الاستمتاع بعمل فني جاد ينفتح على طاقات فنية ويحمل رسالة تنفع أبناء هذا البلد الأمين.

فلا تكاد تختار قناة من قنواتنا حتى يصل إلى سمعك كل العبارات المستفزة والمنفرة، وكل أنواع الصراخ و”الغوات” لتعلم أنك أمام انتاج تلفزي اختارته قنواتنا العمومية لشهر ترتفع نسب المشاهدة بشكل كبير. لا ندري كيف يتم اختيار أعمال لا يمكن أن ترى فيها إلا التهريج والتنكيل بما تبقى من قيم هذا المجتمع.

وعلى ذكر القيم التي أصبحت جد مطلوبة في واقع مغترب عن هويته وثقافته وتاريخه. أصبحت كل الشعوب التي تأخذ الحيطة والحذر من غزو الثقافات المدمرة للقيم والأخلاق تعمل على الرجوع إلى موروثها الثقافي، وتعمل على وضع برامج وسياسات عمومية تعيد بريق القيم الانسانية إلى الأجيال الحالية. وتعمل على تحصين مكتسباتها التاريخية المتعلقة بالقيم والأخلاق.

في هذا السياق لا بد من التذكير بخطة “تسديد التبليغ” التي أطلقها المجلس العلمي الأعلى في المغرب، بوصفها مبادرة تهدف إلى تعزيز القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع. والتي لا يمكن إلا أن تكون بارقة أمل تلتقطها كل المؤسسات التي تمتلك آليات فاعلة في ثقافة وقيم المجتمع. أما كان الأجدر بالمؤسسة الاعلامية أن تنخرط في هذه الخطة وأن تعمل على الرقي بخطابها كي تؤدي دورها في بناء الإنسان بدل الإصرار على تهديمه؟!

فالقنوات المغربية خلال شهر رمضان تشهد زيادة في إنتاج وعرض الأعمال الدرامية والكوميدية. ورغم تحقيق بعض هذه الأعمال لنسب مشاهدة عالية، كان يمكن أن تكون فرصة للرقي بذوق المشاهد، ومنحه فسحة الاستمتاع بلحظات تجتمع خلالها العائلات حول مائدة الإفطار، بدل تقديم أعمال لا تمت للمجال الفني بأية صلة.

فعلى سبيل المثال، أشار الناقد الفني إدريس القري إلى أن بعض الإنتاجات التلفزيونية في رمضان تُعتبر “ثرثرة” وتكرارًا للمحتوى اليومي دون تقديم جديد يُذكر. وهنا يمكن طرح تساؤل مدى توافق المحتوى مع القيم الدينية والاخلاقية وثقافة مجتمعنا؟

بالنظر إلى أهداف خطة “تسديد التبليغ” في تعزيز القيم الدينية والأخلاقية، يُلاحظ أن العديد من البرامج التلفزيونية الرمضانية تركز على الترفيه دون الاهتمام الكافي بتعزيز هذه القيم.

فرغم الوفرة العددية للمسلسلات التلفزيونية خلال شهر رمضان. إلا أن هناك حاجة ملحة لتعزيز محتوى يتماشى مع القيم الدينية والأخلاقية التي تهدف خطة “تسديد التبليغ” إلى تعزيزها. يتطلب ذلك تعاونًا أكبر بين الجهات الدينية والإعلامية لضمان تقديم محتوى هادف يلبي تطلعات المشاهدين ويعزز القيم المجتمعية.

/ تاريخ النشر 2025-03-07

جريدة المجموعة