البردعي تكتب .. الوزيرة حيار وشعار "لن أعيش في جلباب وزيرات العدالة والتنمية"
في اطار مناقشة تقرير شروط وظروف تطبيق قانون 103 .13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي انجزته اللجنة الموضوعاتية، عقد مجلس النواب جلسة يوم 16 يوليوز، حضرت وناقشت خلالها الفرق والمجموعة النيابية وكذا وزيرة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة.
ونحن نتابع نقاش هذا التقرير الذي حاولت كل الاطياف السياسية انطلاقا من مرجعياتها وانطلاقا من زاوية معالجتها لموضوع العنف ضد النساء، تجلى بكل تأكيد أهمية استعمال الآليات الرقابية بكل انواعها تجويدا للعمل البرلماني، دون اغفال اهمية آلية التقييم للسياسات العمومية التي جاء بها دستور 2011، فما اختيار هذا الموضوع للتقييم الا دليل على الاهتمام الدائم والمستمر للوقوف على مسار تموقع النساء بالمغرب، ودليل على اهمية هذا القانون في حماية ودعم كل النساء، وكذلك دليل على الاعتراف بأن النهوض بحقوق النساء هو مسار نضالي طويل يعرف المد والجزر ويعرف التثمين والاحباط.
لكن ما قامت به السيدة الوزيرة أثناء مداخلاتها ردا على مداخلات الفرق والمجموعة النيابية، اقل ما يمكن أن يقال عنه انه استمرار لشعارها الرسمي في كل حضور لها بقبة البرلمان، وفي كل لقاء رسمي، وهو شعار "لن اعيش في جلباب وزيرات العدالة والتنمية"، لكن ليس بالاجتهاد في الاداء والابداع في البرامج والرؤى، وانما بمحاولة التنكر للانجازات والسطو على المكتسبات وتضليل الرأي العام بانجازات وهمية لا اثر لها على واقع النساء ببلادنا.
فمن ابداعات الوزيرة ان تاريخ الحركة النسائية قد انطلق معها، حيث إنها في كل مرة "تؤكد" انها تنجز لاول مرة وان ما تم انجازه هو لاول مرة وان ما تنجز هو استثنائي ولامثيل له، ولن يقوم به غيرها لانها المثقفة العضوية القادمة من عالم المحاضرات والتأطير الاكاديمي، فافتحوا لها الطريق لتعلمكم ابجديات العمل السياسي على" حقوا وطريقو"، فما تقوم به وزارتها لاول مرة ينجز في المغرب، وكأن كل الحكومات وكل الوزيرات وكل المناضلات وكل العاملات في الحقل النسائي لا يملأن عيون الوزيرة القادمة من عالم غير عالمنا.
المهم الوزيرة "السوبروومن" هي استثنائية في مناهضة العنف الذي يتمادى بكل أشكاله وبكل ألوانه.
فبخطاب يرتفع فيه الصوت اكثر من المعنى وباسلوب الهجوم قبل تقديم المكتسبات افتتحت السيدة الوزيرة مداخلتها، لتجيب كعادتها بانكار كل الانجازات التي قامت بها الحركة النسائية وكل ما قدمته مناضلات الاحزاب بكل الوانها وبكل مرجعياتها ليمتد إلى ماقبل مرحلة "البيجدي"، قزمت العمل النسائي وكأن مع وزارتها بدأت البرامج المدعمة للنساء ومعها بدأت الحركة النسائية تنجز التقارير وتقدمها الى الامم المتحدة لتقول بأنها لاول مرة منذ 16سنة تقدم تقرير جد مهم يخص اتفاقية سيداو، وان الاستراتيجيات السابقة على مستوى وزارتها كانت غير شاملة وغير كافية وبالتالي هي من صاغت الاستراتيجيات الشاملة الكافية الشافية المتكاملة ومادون ذلك هو نقصان وضعف .وان تدخلات الوزيرة هي التي ستجتث العنف من جذوره . جاهلة ان من جمع المعطيات حول العنف هي مجهود لفعاليات المجتمع المدني وان تظافر الجهود بين النيابة العامة وهذه الفعاليات يشهد لها الجميع بهذا الدور الذي كان له الأثر الايجابي على تقدم بلادنا في مناهضة العنف .
عفوا ، فوزارة وزيرتنا هي التي قامت بوضع برامج متكاملة تقي من العنف وتناهض العنف وما دون ذلك فهو حثالة وقصور في الرؤية وضعف في البناء الاستراتيجي ومجرد برامج متفرقة، حتى ولو كانت هي نفس البرامج ونفس الاستراتيجيات التي اتجزتها حكومة "البيجدي" لا زالت سارية المفعول مع تغيير في العناوين، فمغرب التمكين الذي انطلق في حكومتي العدالة والتنمية، أضافت له كلمة التمكين والريادة، هذا ليس إلا بعض من الكل.
السيدة الوزيرة كنا نتمنى أن نصفق لك ونقول لك مزيدا من التجاوب مع مطالب النساء العادلة في مناهضة العنف ضد النساء بكل الوانه واشكاله، لكن للأسف لم تكوني موفقة في ادائك، كنت تخلطين الأمور التي انجزتها الوزارة ما بين التكافل والدعم والمساندة، تخلطين بين مشاريع دعم النساء والعنف الاقتصادي، وتلغين كل الجهود التي قام بها غيرك في دعم النساء وتقفزين على مغرب التمكين.
كنت تريدين ان تكوني وزيرة مرضية عليها من طرف من وضعك على رأس وزارة تعاقبت عليها وزيرات عرفن بتاريخهن النضالي داخل احزابهن وانت لا تاريخ حزبي لك، تمت صباغتك باللون الوردي، فلم تنجح ان تكوني الا بلون غريب عن الوان كل الاحزاب، متنكرة للتاريخ النضالي لكل نساء المغرب المناضلات القويات الصامدات المترفعات عن الامتيازات الضيقة، لقد أردت أن تستعملي اسلوب الممحاة و تمسحي منجزات الوزيرات السابقات بحقد غير مفهوم و غير مبرر، غير واعية بأن منجزات اية امرأة أينما وجدت في مراكز القرار هي مكاسب لكل النساء أينما وجدن، وأن طريق النضال طويل وان اي تقدم هو مسار عمل ومسار نضال طويل تتضافرت فيه مجهودات كبيرة.
هل في علم السيدة الوزيرة ان قانون العنف اخرج من دواليب الوزارة في زمن وزيرات العدالة والتنمية، وان تنزيله كان بنفس جماعي لكل نساء هذا الوطن التواقات للحرية والتقدم والمستجيبات لروح الدستور الراعي للحقوق والحريات، لقد اخرج هذا القانون وعكفت الوزيرات على تنزيله باليات تبلور نفس تشاركي يعكس وجود فعاليات مختلفة من مجتمع مدني وفعاليات سياسية كانت تتطلع لتنزيل هذا القانون الذي طال انتظاره.
هل تعلم السيدة الوزيرة ان انجاز مراكز الإيواء للنساء ضحايا العنف، قد انطلق في عهد وزيرة من العدالة والتنمية، وأن العنف الاقتصادي تم تصنفه ضمن أنواع العنف الممارس على النساء، من طرف وزيرة من العدالة والتنمية، لأن القناعة تحصلت بأن التمكين الاقتصادي هو المدخل الحقيقي لمناهضة العنف ضد النساء.
السيدة الوزيرة لم تكوني موفقة وانت تحاولين رفع صوتك باقصى جهدك وسرعتك لعرض إنجازات الوزارة وتخليطين بينها، مرددة ومؤكدة بين الحين والاخر انه لأول مرة وبين كل جملة وجملة تعيدين، لاول مرة، ولم تنتبهي وانت تتلعتمين بكلماتك المبعثرة، انك تناقضين المعطيات التي وضعتها وزارتك بين يدي أعضاء اللجنة الموضوعاتية، لقد كان كلامك متناقضا.
عذرا السيدة الوزيرة، دائما اتعاطف واشجع النساء اللواتي يتواجن بمراكز القرار، و اعتبر ان نجاح اية امرأة هو نجاح لكل النساء، لكن للأسف كان خطابك المتعالي الذي يظهر جهلك بالخطاب السياسي، يصاحبه غياب كاريزما الحضور المقنع،ما يجعل اي متعاطف ومقتنع بالدفاع عن المساواة والتمكين السياسي للنساء غير مقتنع بادائك، ويستحضر بكل تأكيد ضرورة توفر الكفاءة السياسية والتمكن من ميكانيزمات العمل السياسي عند منح اي منصب سياسي لأي كان، كي لا تكون هناك إساءة للنساء اللواتي يتقلدن المواقع السياسية عن جدارة واستحقاق.
في ختام الكلام، لا يسعني الا ان اقول تحية للمناضلات الشريفات القويات اللواتي رصّعن تاريخ النساء ببلادنا.
سلوى البردعي: عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية